سيدة القصر **

من طرف **محمود قباجة** السبت أغسطس 05, 2017 2:02 am

قصة سيدة القصر
يشقشق الفجر البعيد ، ترسل الشمس خيوطها الذهبية مسترسلة تغانج الأغصان والفراشات، لحظات والرسائل المشفرة تتدفق بلا حسبان في كل الاتجاهات.
تفتح النافذة وترفع الستائر لاستقبال توهجات يوم جديد، تقف جانبا لتحايد الظلال المترهل وترتب كلمات الأحجية التي تتمدد بين السطور والفراغات. تنفض الغشاوات التي تتملق فنجانها المتزحلق بين يدها والرشفة اليتيمة.
لا تتقمص ألوان قزح الجميلة التي يكسرها رذاذ الماء وقطراته المسكوبة والعنيدة التي
تكسر الخطوط المستقيمة للضوء وتتناسى ذلك الخيط السرمدي الذي يشق عباب الجسد، يمتد لينصف محور التماثل إلى نصفين يناظران كل الآخر، ويلتفان كلولبين في عمق قوقعة تصلبت تحت حبات الرمل.
أميرة تسكن القصر الممتد بين نظرات السكون التي تتشابك مع خيوط المدى وتمسك الشذرات المعلقة على مشجب العلو والارتقاء.
تمتد النظرة لتتعمق أروقة القصر وتصافح نعومة الوصيفات اللواتي يرتدين كل الألوان
يزدهين باللون الفاقع ويتبخترن كشقائق النعمان.
أميرة تنتظر ربيعها وذاك الأقحوان النابت في خلجات القصر الذي تغازله الحمرات وتجعله قبلة للفراشات الولهى، في كل ركن بصمة جادت بها أنامل الحسن
تلامس أديم الصفاء ورسم تغلغل على حواف الفناجين.
في كل صباح تجلس على أريكتها المفضلة التي تظللها شجرة التوت وتحيط بها الدالية الشامية التي انحدرت من بلاد الأعناب. عراقة تعشق الياسمين وتتدثر بأطياف بردى وتستقي الشراب الفرات.تسدل ذوائبها ذات الشعر المائل لحلكة الدهشة، تتبختر التموجات على لحن تدقه نبضات القلب.
تخطو على استحياء على مرمى نظرات المدرس الخصوصي الذي يفازل دوما الرموز والأشكال، فريشته لا تفارق الورق وهي تخط الخطوط الاهليحية وتموجات المحاور.
لا يكاد يقفل دائرة حتى يفتتح غيرها، حتى تحيته وسلامه مقترنة بالحسابات والأرقام. له في الأشكال موروث ومن الكراس مخطوطات.
تخطو تجاهه وهي تترقب المفاجأة،
أمسألة فيها من السحر ما يستعصف الذهن؟
تكثر من التكهنات وتتناسى الدقات ووخزات الفكر والوجدان.
يقترب وعلى وجهه ابتسامة عريضة تكاد نواجذه تقفز بدون حسبان، ترصده بكل ثقة
ما بال العلامات والزوايا المجعدة تتلاشى!؟
ترمقها النظرات الفوضاوية التي تتقافز إلى اللامعقول،
يباغت بالاعتذار عن الدرس ويدعوها لفنجان قهوة
يخط حوافه الفرجار