عودة ولم تكتمل فصولها

تدق أجراس كنيستها الولهى ، وتركض خلف محراب خشبي تعلو عليه بخطواتها المتأرجحة في ثوب النسك الجميل . تغزل عباءتها الليلكية وتطرز الألوان ياسمينا بخلطة الأقحوان . ذاك اللون ساحر ببياضه وذاك فيه من الغرائز يثير شبقا من التجلي على وجنة كل صباح. تمد يدها وتعرش أسقف التوت والجدران العالية وتهز جذعه ليتساقط الجنى سُكرا طيبا طعاما لأفواه الجنوح. تحتضن ذاك الغصن الهادل بإتجاه ركبتيها لتبوح له بكلمات من السرد والمقامات. تبدأ حديثها بالشوق الذي تعجز منه الكلمات وتطلق النظرات الهستيرية ، تصدح بأعالي الصوت: ربي هذا غلام !!
تعيد نظم الكلمات وتعيد ترتيب الحروف وتربّت على عجز وصدرالأبيات . تلتفت ومن الحول تجمع قوى تتنفسها أكسيدا للحياة تهيم نفسها والروح في واد غير ذي زرع وتعلو نظرتها سارية العروج لتلتقط نجمة عابرة في السماء. هزات الجوف تتربع في صدر الحشى تتوسد أريكة مرصعة بحجارتها الكريمة وتتلألأ بلورية في نمارق بها سقاية الملوك، تأتي بجيشها عدوا وفي قبضتها تحمل زهرة تويجها من صفاء ترويه قطرات الندى الصباحية. في الوريد لهيب وشوق وغمرة اللذة يفوح مسكها والبارفان تنثره هفهفات الأردان في كل إتجاه. تجيش نفسها ودغدغة تراقص صبابة الأذن تعزف لحنها على وتر الطبول تقول هيت لك من الموال صدحا يجاري بطولة ذلك الفتى ظريف الطول الذي ما زال يحاكي صبر القلوب ويدثرذكراه بأكاليل غار ووجود .
تنتظر الإطلالة وولادة تلك الرؤى التي لا تفارق حلما يسكن الجفنين ولم تقفل نوافذا للعين يأتيها النور، تبحث في كل ركن بين انبعاثات اللوعة عن عنوان مجهول.تلقي بالنفس على مهب الريح وتعصف الذات بالحنين . موال الصبر يهتف لطيرها ونظرة الصباح تجنح للتقبيل. تراودها فكرة التمرد لتكون عنوانا جيلا بعد جيل.