قمر تدق الباب

قمر تدق الباب
دخلت صفحة الحياة بقرار ، انصات القلب لقرع الباب ،
التفاتة عن يمين وشمال ومن خلفيهما كان السلام .
هواجس الكلام ونوبات متصارعة تصدح من حوليهما وتتزين السماء في الدجى بالأقمار .
هناك
تشخص العينان وتلتقط نظرة هاوية من بين مجرات تعلو الأفق ، نظرة ثاقبة تقرأ الكتب وتحرك نبض اللسان فتتلوى أوتار الحنجرة وتعزف سجالا لغنة الحروف التي تأبى أن تخرج إلا للنور.
الصمت كان سيد الموقف فالخوف من الهدهد الساكن في الجوارح الذي سيرته نقل الأخبار وزيادة في حمل هواجس الأوزار التي تحوم بين الخفقات.
تقفل أبواب الجرأة وتستسلم للصمت كالقمر الذي يرضى بالسكون ولا يمكنه الالتحام بالشموس المتوهجة بالضياء ، يرضى بالقليل ولديه قابلية بلحظة خسوف ينطفئ حينا ببلاهته ليضيء من جديد وقناعته تلزمه الصمت.
يجيء اللقاء أرواحا من وراء الجدر والهمسات تختنق بالصمت البادي في عروق الجسد, وأعباء الحياة فيها التزام بالقتل ، فالسجن مؤبد وجدرانه من حديد أثقلته الأصفاد.
كل يوم حوار للأنفاس الشاحبة التي تم اختزالها وحرمانها من أكسجين السعادة فتحولت إلى تنهدات وزفرات باردة، شتاؤها يتكلل بالانجماد .
محاولات لتخرج من كهف الصمت والعزلة لتصدح الحنجرة بكلامها المرتل الذي تنشده الحساسين على أغصان المشمش والكرز والخوخ .
يسميها الحادي قمر .......... لالالالالا........
فتصمت......
يسألها عن جمال الألوان فتصمت ، تلك هي القمر التي بدأ ربيعها يسحر الخريف وتبشر بتفتّح الأزهار .
يستطرد الحديث هدوء ليل ديدنه الوقار، ألفة بين السجايا وعيون تهجر وَسَنها ، فقطرات الندى تدق على الأبواب المقفلة وتأبى أن ترحل مع سديم خريفي مثقل بالأعباء.
استطراد لنبضات الخافق الذي بدأ يشم عبق السنديان
الذي يحمل الزهر المكنون ، ويتوسد ترهلات بين مدّ الجسد وجزر قدّه المياس.
لحظات والعاصفة تهز الأرجاء ، زلزلة بين الضلوع والأدرينالين يتدفق وينتقلا من عالم إلى عالم تستفيق الروح بوهج الضياء والموج يسدل على أرداف الحقيقة ملحا أجاجا.