بيت جدي بقلم الكاتبة شفاء حرزالله

بيت جدي

مع مرور الايام وتطور العمران
تذكرت بيت جدي
هو احد البيوت المنسية
في زمن التحضر والتمدن
هنا البيوت تعبق برائحة الماضي المشهود
من يصف حجارتها العريق وكأنك في عالم آخر
يعطي بريقاً للبيت القديم
مفاخراً بأيدي من بنوها
واصفا للارض والزرع والبيوت
وعند رؤيتنا لهذا العمران القديم
يجول بخاطرنا العائلة وجلساتها
حول موقد النار تحكي اخبارها
وتسرد لنا عن العابها
الحجارة والغميضة والنطة
ستجدها ماثلةً امامك
وإن قمت بزيارة احد عمرانها
سترى كم هي جميلة انيقة مطرزة
بالاخضر والاصفر
معطرة برائحة اللوز والزعتر
ولكن عاجزة عن إستقبال زوّارها
لأن من فيها رحلوا في مواكب الغياب
هنا بيت جدي....
لا يشبه البيوت القديمة المهجورة
لان له حكاية مختلفة اخرى
فحين تزوره تجوب في مخيلتك الاسئلة
المسكونة بداخله منذ امدٍ بعيد
هي اسئلة الحنين
اين من سكنوها؟ اين اصواتهم؟
واصوات اكواب الشاي وفناجين القهوة؟
اين رائحة الهال والخبز والقمح والليمون ؟
اين حكاياهم ؟ اين صوت المذياع؟
والحزازير وضحكاتهم المتعالية؟؟
اسئلة كثيرة ليس لها إجابة
سوى صدى صوتك المتردد في
ارجاء المكان
لقد نسوا هنا اشياءهم، صورهم وملامح
وجوههم الصامتة الشاحبة بالابيض والاسود
أدواتهم الخاصة وفراشهم المزركش
مكاتيبهم ورسائلهم
شاهدة على وجودهم ومرورهم العابر
في هذا المكان...في بيت جدي
وتذكرت وقتها الشعر الذي يقول:
لا تسأل الدار عمن كان يسكنها
فالباب يخبر ان القوم قد رحلوا
يا طارق الباب رفقاً حين تطرقه
فإنه لم يعُد في الدار اصحابُ
ارحم يديك فما في الدار من أحدٍ
لا ترجو رداً فأهل الود قد رحلوا

بقلمي شفاء حرزالله