بين الضمير والنفس بقلم الكاتب صخر العزة
منتدى الأقصى للابداع و التميز :: نصـــــــــــوص اعجــــــــــبتني " للنصوص المنقولة مع ذكر اسم صاحب النص "
صفحة 1 من اصل 1
بين الضمير والنفس بقلم الكاتب صخر العزة
بــيــن الــضــمــيــر والــنــفــس
في داخل الذات البشرية صفتان أو ميزتان تحكمان تصرفاته وتوجهاته ، فإما توجهانهُ إلى الخير والصلاح ، وأما أن تأخذانه إلى عالم الضلال والشرور ، وهاتان الصفتان تحكمان توجهاته ، حسبُ ما فُطر وتربى عليه منذ نشأته الأولى ، وبهما يكون صلاحه وصلاح مجتمعه أو عكس ذلك المعصية والشرور والدمار والخراب له ولمجتمعه الذي يعيشُ فيه.
هاتان الصفتان هما الضمير والنفس ، فهما اللتان تحددان مصير حياة البشر ومصير المجتمعات التي يعيشون بها ، وما هي الصفة الأكثر تأثيراً على الإنسان وتصرفاته ؟ وما العوامل التي تجعل هذه الصفات إما للخير أو للشر ؟ ولنبدأ جولتنا بدايةً مع الضمير ، وكيف له أن يقود الإنسان إلى الفضيلة والخير ، وإما إلى الرذيلة واقتراف الشر والذنوب والمعاصي ؟! فما هو الضمير ؟!!
الضمير هو القوة الروحانية التي تحكم مواقف الإنسان وتفكيره ، وهو منحة وهبها الله للإنسان يدله به على الخير والشرف ، وكيف للمرء أن يكسب الرضا والراحة النفسية ؟!!! ويتحدد مصير الإنسان بضميره بما تربى عليه من أخلاقٍ وقيم حميدة ، ومدى ارتباطه بقيمه الدينية ، هي التي تهذب النفس وتوجهها إلى اختيار الأفضل من خير وصلاح ، وعكس ذلك الإنزلاق في المعاصي والآثام ، قال تعالى في سورة الإنسان – الآية 3 : {إِنَّا هَدَيۡنَٰهُ ٱلسَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرٗا وَإِمَّا كَفُورًا } والضمير الحي هو مجموعة القيم النبيلة والأخلاق السامية التي تنطوي عليها قلوبنا وعقولنا منذ النشأة الأولى والموجودة فينا بالفطرة السوية السليمة وهي فطرة الله التي فطر الناس عليها ، وأعلى مكانة بين البشر من يصل به صفاء النفس وسمو الروح إلى درجة عاليةٍ رفيعة وهم الرُسل صلوات الله وسلامهُ عليهم ، الذين هم حملة الرسالات السموية ، لإيقاظ الضمير الإنساني من سباته وتوجيهه إلى الخير والهدى والصلاح وتنزيه النفس البشرية عن كل الموبقات ، قال تعالى في سورة الروم – الآية30 : { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } فالإنسان يقترب إلى الكمال كلما كان ضميره حياً ويقظاً ، ويوجه النفس للإبتعاد عن كل أدران الحياة ، عن ابن حنبل في مسنده - قول رسول الله صلى الله عليه وسلم مُخاطباً وابصة: (يا وابصة أخبرك أو تسألني، قلت: لا بل أخبرني ، فقال: جئت تسألني عن البر والإثم ، فقال: نعم فجمع أنامله فجعل ينكت بهن في صدري ويقول: يا وابصة استفت قلبك واستفت نفسك ، ثلاث مرات ، البر ما اطمأنت إليه النفس والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك) فالضمير الحي هو العاصم من كل الشوائب والأدران ، وهو المتحكم في الإنسان ومصيره كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في القلب ، فعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال : ( سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : [ ألا وإن في الجسد مُضغة إذا صلحُت صلُح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كُله ، ألا وهي القلب ) فصلاح الإنسان بعمله مُرتبطٌ بصلاح قلبه ، قال الله تعالى في سورة الحج – الآية 46 : { أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ } ففي هذه الآية الكريمة بين الله عزَّ وجلْ أن القلب هو مركز الأوامر التي تمُر على الدماغ فيرتبها ويجهزها ويرسلها إلى القلب ، فهنا يبين الله عزَّ وجلْ أن العمى ليس عمى البصر ، وإنما عمى البصيرة المرتبطة بالقلب ، فإذا النفسُ فقدت بصيرتها ، فقدت القوة والخير ، والمقصود بالقلب هنا ليس بالمعنى المعنوي لجهاز القلب الذي يضخ الدم ويغذي جسد الإنسان ، بل هو لطيفةٌ ربانية تتحكم بتصرفات الإنسان وانقياد النفس لها بخيرها أو شرها ، وكما قال الدكتور عبدالكريم دهينة : ( بإن حقيقة الإنسان في إدراكه وعلمه ومعارفه ، وبها خوطب من الله ، وكُلِف بسببها جوزي خيراً أو شراً ، أنه النور الداخلي المُدرك للحقائق ) .
ولكن يجبُ علينا مما ورد وذكرته أن الضمير ليس وحده هم المتحكم ، بل أنه يرتبطُ إرتباطاً وثيقاً بالنفس الإنسانية ، فالقلب والنفس هما المكونان للضمير الإنساني ، والنفس البشرية لها ثلاثةُ أوجه ، وهي كما يلي :
أولاً : النفس المطمئنة وهي التي تتعارض مع الشهوات ، وترضى بما قسمهُ الله ، وقد صدَّقت وعد ربها ووعيده ، فايقنت به وعملت به ، وقد ذكرها الله عزَّ وجل في القرآن الكريم بقوله تعالى : في سورة الفجر – الآية 27 : { يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي }
ثانياً : النفس اللوامة :هي النفس التي تترنح بين الخير والشر، تغالب شهواتها تارة وتسقط في حمأة المعصية تارة، وصاحبها تتأرجح بين اللوم لنفسه، ثم يتوب ويؤوب ، قال تعالى في سورة القيامة– الآية 2 : { وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ } وهذه النفس طيبة لأن الضمير يؤنبها ويرجعها إلى الحق
ثالثاً :النفس الأمارة بالسوء : وهي النفس التي تدعو إلى المعصية وارتكاب الموبقات ، وتدفع صاحبها إلى ارتكاب المعاصي وتزيين الشهوات ، والإيقاع به في المُهلكات ، قال تعالى في سورة يوسف – الآية 53 : { إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي }.
وختاماً بعد كل ذلك نقول أن سلوك الإنسان تتحكم فيه ما انفطرت عليه نفسه من أخلاقٍ وتربيةٍ دينية ، ومن بيئةٍ تتحكم فيه وفي ممارساته العقلية والنفسية ، وكل ذلك يكون بتوافق الضمير مع النفس .
إن ما يحدث في عالمنا من حروب وشرور ودمار مرجعه إلى فقدان الضمير ، الذي بغيابه ، تُصبح النفوس البشرية ، لا تمت بصلة إلى فطرتها التي فطرها الله عليها ، فما يحدث في فلسطين وفي غزة على وجه الخصوص من الص هاينة الم جرمين ، الذين لا ينتمون لمعنى الإنسانية بشيء هم وأعوانهم من دول الغرب الذين يفتقدون للإخلاق ولا يعطون اعتباراً للأديان ، فضمائرهم ميتة ، فلن تردعهم نفوسهم التي فُطرت على الإجرام من ارتكاب المجازر والقتل والدمار ، فهم فاقدون للضمير الإنساني القادر على التمييز بين الخطأ والصواب ، وبين الحق والباطل ، ولا يوجد نفوس طيبة تلومهم على ما يقترفون وتلتزم بتعاليم الله لتردعهم عن الباطل ، لأن النفس اللوامة هي التي تردع الإنسان وتكون رقيباً على أعماله وتصرفاته وسلوكياته الخاطئة ، وكل ذلك ينسحب على المجتمعات ككل ، لأن الفرد هو المكون لهذا المجتمع ، فالقوانين لن تكون هي الرادعة ، إذا كان ينقصها من يردعها عن الفساد ، وستكون النفس الأمارة بالسوء هي المسيطرة لأنها متعلقة بأمور الدنيا وبمصالحها ، ولهذا فإن الضمير بحاجة إلى مرجعية تحكمه لتهذب النفس وتوجهها إلى التمييز بين الخير والشر ، وهذه المرجعية هي الأخلاق والدين ، والضمير الحي هو الذي يمنع النفس من ارتكاب السوء ، ويردعها عن ارتكاب المعاصي والشرور ويدعو النفس إلى الإستقامة والنزاهة ، فالنفس المؤمنة تحكمها قاعدة الشرع ، والأخلاق الحميدة ، وأما النفس الكافرة فتحكمها المصالح والأهواء ، قال تعالى في سورة البقرة – الآية 286 : { لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ } وهنا يُحدد الله الوجهة الإنسانية حسب أعمالها وسلوكياتها فلها ما كسبت أي من توجهٍ للخير ، وعليها ما اكتسبت إن كان اتجاهها للشر ، وهذا يعني أن كل نفسٍ مرهونة بما تعمل من سلوكيات في حياتها إن كان شراً أو خيراً ، وهذا ما انفطرت عليه نفوس الص هاينة وأعوانهم الم جرمين من دول الغرب ، الذين ماتت ضمائرهم وتحجرت في نفوسهم المشاعر الإنسانية ، وتبعهم المت خاذلون من أمة العروبة والإسلام وذلك لضعف دينهم وإيمانهم ، ولكن الله العزيز القدير ، سيُحاسب كل قوى الشر والمت خاذلين معهم على أعمالهم ، وما اقترفوه بحق شعب مظلوم وأعزل ، قال تعالى في سورة المدثر – الآية 38 : { كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ }
وفي النهاية أقول إن الله يُمهل ولا يُهمل ، ونحن نُريد أمراً ونستعجله ، ولكن الله يريدُ أمراً آخر ، لتتهيأ الظروف والأحوال ليقع أمر الله ويُنزل عقابهُ على من طغوا وبغوا ، ولا شيء على الله ببعيد ، قال تعالى في سورة يوسف – الاية 21 : { وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } ولا ندري بأي لحظة يأتي أمر الله ليُحق الحق ، وينصف المظلوم ، قال تعالى في سورة الطلاق – الاية 1 : { لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا }
صخر محمد حسين العزة
عمان – الأردن
20/4/2024
في داخل الذات البشرية صفتان أو ميزتان تحكمان تصرفاته وتوجهاته ، فإما توجهانهُ إلى الخير والصلاح ، وأما أن تأخذانه إلى عالم الضلال والشرور ، وهاتان الصفتان تحكمان توجهاته ، حسبُ ما فُطر وتربى عليه منذ نشأته الأولى ، وبهما يكون صلاحه وصلاح مجتمعه أو عكس ذلك المعصية والشرور والدمار والخراب له ولمجتمعه الذي يعيشُ فيه.
هاتان الصفتان هما الضمير والنفس ، فهما اللتان تحددان مصير حياة البشر ومصير المجتمعات التي يعيشون بها ، وما هي الصفة الأكثر تأثيراً على الإنسان وتصرفاته ؟ وما العوامل التي تجعل هذه الصفات إما للخير أو للشر ؟ ولنبدأ جولتنا بدايةً مع الضمير ، وكيف له أن يقود الإنسان إلى الفضيلة والخير ، وإما إلى الرذيلة واقتراف الشر والذنوب والمعاصي ؟! فما هو الضمير ؟!!
الضمير هو القوة الروحانية التي تحكم مواقف الإنسان وتفكيره ، وهو منحة وهبها الله للإنسان يدله به على الخير والشرف ، وكيف للمرء أن يكسب الرضا والراحة النفسية ؟!!! ويتحدد مصير الإنسان بضميره بما تربى عليه من أخلاقٍ وقيم حميدة ، ومدى ارتباطه بقيمه الدينية ، هي التي تهذب النفس وتوجهها إلى اختيار الأفضل من خير وصلاح ، وعكس ذلك الإنزلاق في المعاصي والآثام ، قال تعالى في سورة الإنسان – الآية 3 : {إِنَّا هَدَيۡنَٰهُ ٱلسَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرٗا وَإِمَّا كَفُورًا } والضمير الحي هو مجموعة القيم النبيلة والأخلاق السامية التي تنطوي عليها قلوبنا وعقولنا منذ النشأة الأولى والموجودة فينا بالفطرة السوية السليمة وهي فطرة الله التي فطر الناس عليها ، وأعلى مكانة بين البشر من يصل به صفاء النفس وسمو الروح إلى درجة عاليةٍ رفيعة وهم الرُسل صلوات الله وسلامهُ عليهم ، الذين هم حملة الرسالات السموية ، لإيقاظ الضمير الإنساني من سباته وتوجيهه إلى الخير والهدى والصلاح وتنزيه النفس البشرية عن كل الموبقات ، قال تعالى في سورة الروم – الآية30 : { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } فالإنسان يقترب إلى الكمال كلما كان ضميره حياً ويقظاً ، ويوجه النفس للإبتعاد عن كل أدران الحياة ، عن ابن حنبل في مسنده - قول رسول الله صلى الله عليه وسلم مُخاطباً وابصة: (يا وابصة أخبرك أو تسألني، قلت: لا بل أخبرني ، فقال: جئت تسألني عن البر والإثم ، فقال: نعم فجمع أنامله فجعل ينكت بهن في صدري ويقول: يا وابصة استفت قلبك واستفت نفسك ، ثلاث مرات ، البر ما اطمأنت إليه النفس والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك) فالضمير الحي هو العاصم من كل الشوائب والأدران ، وهو المتحكم في الإنسان ومصيره كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في القلب ، فعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال : ( سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : [ ألا وإن في الجسد مُضغة إذا صلحُت صلُح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كُله ، ألا وهي القلب ) فصلاح الإنسان بعمله مُرتبطٌ بصلاح قلبه ، قال الله تعالى في سورة الحج – الآية 46 : { أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ } ففي هذه الآية الكريمة بين الله عزَّ وجلْ أن القلب هو مركز الأوامر التي تمُر على الدماغ فيرتبها ويجهزها ويرسلها إلى القلب ، فهنا يبين الله عزَّ وجلْ أن العمى ليس عمى البصر ، وإنما عمى البصيرة المرتبطة بالقلب ، فإذا النفسُ فقدت بصيرتها ، فقدت القوة والخير ، والمقصود بالقلب هنا ليس بالمعنى المعنوي لجهاز القلب الذي يضخ الدم ويغذي جسد الإنسان ، بل هو لطيفةٌ ربانية تتحكم بتصرفات الإنسان وانقياد النفس لها بخيرها أو شرها ، وكما قال الدكتور عبدالكريم دهينة : ( بإن حقيقة الإنسان في إدراكه وعلمه ومعارفه ، وبها خوطب من الله ، وكُلِف بسببها جوزي خيراً أو شراً ، أنه النور الداخلي المُدرك للحقائق ) .
ولكن يجبُ علينا مما ورد وذكرته أن الضمير ليس وحده هم المتحكم ، بل أنه يرتبطُ إرتباطاً وثيقاً بالنفس الإنسانية ، فالقلب والنفس هما المكونان للضمير الإنساني ، والنفس البشرية لها ثلاثةُ أوجه ، وهي كما يلي :
أولاً : النفس المطمئنة وهي التي تتعارض مع الشهوات ، وترضى بما قسمهُ الله ، وقد صدَّقت وعد ربها ووعيده ، فايقنت به وعملت به ، وقد ذكرها الله عزَّ وجل في القرآن الكريم بقوله تعالى : في سورة الفجر – الآية 27 : { يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي }
ثانياً : النفس اللوامة :هي النفس التي تترنح بين الخير والشر، تغالب شهواتها تارة وتسقط في حمأة المعصية تارة، وصاحبها تتأرجح بين اللوم لنفسه، ثم يتوب ويؤوب ، قال تعالى في سورة القيامة– الآية 2 : { وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ } وهذه النفس طيبة لأن الضمير يؤنبها ويرجعها إلى الحق
ثالثاً :النفس الأمارة بالسوء : وهي النفس التي تدعو إلى المعصية وارتكاب الموبقات ، وتدفع صاحبها إلى ارتكاب المعاصي وتزيين الشهوات ، والإيقاع به في المُهلكات ، قال تعالى في سورة يوسف – الآية 53 : { إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي }.
وختاماً بعد كل ذلك نقول أن سلوك الإنسان تتحكم فيه ما انفطرت عليه نفسه من أخلاقٍ وتربيةٍ دينية ، ومن بيئةٍ تتحكم فيه وفي ممارساته العقلية والنفسية ، وكل ذلك يكون بتوافق الضمير مع النفس .
إن ما يحدث في عالمنا من حروب وشرور ودمار مرجعه إلى فقدان الضمير ، الذي بغيابه ، تُصبح النفوس البشرية ، لا تمت بصلة إلى فطرتها التي فطرها الله عليها ، فما يحدث في فلسطين وفي غزة على وجه الخصوص من الص هاينة الم جرمين ، الذين لا ينتمون لمعنى الإنسانية بشيء هم وأعوانهم من دول الغرب الذين يفتقدون للإخلاق ولا يعطون اعتباراً للأديان ، فضمائرهم ميتة ، فلن تردعهم نفوسهم التي فُطرت على الإجرام من ارتكاب المجازر والقتل والدمار ، فهم فاقدون للضمير الإنساني القادر على التمييز بين الخطأ والصواب ، وبين الحق والباطل ، ولا يوجد نفوس طيبة تلومهم على ما يقترفون وتلتزم بتعاليم الله لتردعهم عن الباطل ، لأن النفس اللوامة هي التي تردع الإنسان وتكون رقيباً على أعماله وتصرفاته وسلوكياته الخاطئة ، وكل ذلك ينسحب على المجتمعات ككل ، لأن الفرد هو المكون لهذا المجتمع ، فالقوانين لن تكون هي الرادعة ، إذا كان ينقصها من يردعها عن الفساد ، وستكون النفس الأمارة بالسوء هي المسيطرة لأنها متعلقة بأمور الدنيا وبمصالحها ، ولهذا فإن الضمير بحاجة إلى مرجعية تحكمه لتهذب النفس وتوجهها إلى التمييز بين الخير والشر ، وهذه المرجعية هي الأخلاق والدين ، والضمير الحي هو الذي يمنع النفس من ارتكاب السوء ، ويردعها عن ارتكاب المعاصي والشرور ويدعو النفس إلى الإستقامة والنزاهة ، فالنفس المؤمنة تحكمها قاعدة الشرع ، والأخلاق الحميدة ، وأما النفس الكافرة فتحكمها المصالح والأهواء ، قال تعالى في سورة البقرة – الآية 286 : { لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ } وهنا يُحدد الله الوجهة الإنسانية حسب أعمالها وسلوكياتها فلها ما كسبت أي من توجهٍ للخير ، وعليها ما اكتسبت إن كان اتجاهها للشر ، وهذا يعني أن كل نفسٍ مرهونة بما تعمل من سلوكيات في حياتها إن كان شراً أو خيراً ، وهذا ما انفطرت عليه نفوس الص هاينة وأعوانهم الم جرمين من دول الغرب ، الذين ماتت ضمائرهم وتحجرت في نفوسهم المشاعر الإنسانية ، وتبعهم المت خاذلون من أمة العروبة والإسلام وذلك لضعف دينهم وإيمانهم ، ولكن الله العزيز القدير ، سيُحاسب كل قوى الشر والمت خاذلين معهم على أعمالهم ، وما اقترفوه بحق شعب مظلوم وأعزل ، قال تعالى في سورة المدثر – الآية 38 : { كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ }
وفي النهاية أقول إن الله يُمهل ولا يُهمل ، ونحن نُريد أمراً ونستعجله ، ولكن الله يريدُ أمراً آخر ، لتتهيأ الظروف والأحوال ليقع أمر الله ويُنزل عقابهُ على من طغوا وبغوا ، ولا شيء على الله ببعيد ، قال تعالى في سورة يوسف – الاية 21 : { وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } ولا ندري بأي لحظة يأتي أمر الله ليُحق الحق ، وينصف المظلوم ، قال تعالى في سورة الطلاق – الاية 1 : { لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا }
صخر محمد حسين العزة
عمان – الأردن
20/4/2024
محمود قباجة- مديـــــــر عـــــــــــام
- عدد المساهمات : 2329
نقاط : 8476
الاصوات : 29
تاريخ التسجيل : 17/06/2014
العمر : 54
الموقع : فلسطين
مواضيع مماثلة
» الموازين المقلوبة بقلم الكاتب صخر العزة
» غزة العزة بقلم الكاتبة صباح ابو السعود
» قل لي بقلم الكاتب خليل حاج يحيى
» بقلم الكاتب احمد انعنيعة
» حرف ما بقلم الكاتب خليل حاج يحيى
» غزة العزة بقلم الكاتبة صباح ابو السعود
» قل لي بقلم الكاتب خليل حاج يحيى
» بقلم الكاتب احمد انعنيعة
» حرف ما بقلم الكاتب خليل حاج يحيى
منتدى الأقصى للابداع و التميز :: نصـــــــــــوص اعجــــــــــبتني " للنصوص المنقولة مع ذكر اسم صاحب النص "
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى